ساروا بعيدا ، نأوا عنا ، اختاروا الرحيل بعيدا دون حتى كلمة سلام
هجروا حياة ألفناها إلى حياة لا يعرفها غيرهم ، ابتعدوا هكذا دون سابق إنذار ولم يقولوا وداعــا
تركوا كل شيء و رحلوا، سلكوا طريقا غير الطريق ، و اختاروا حياة غير الحياة
كم هو مؤلم أن تفتح عينيك فلا تجد من تريد أن تراه ، و كم هو مؤلم أكثر ألا تعلم أخباره ... أين هو ؟
لماذا اختار الرحيل فجأة ؟ لماذا لم يقل حتى وداعــا ؟
يخشى الجميع الوداع ... يقصرون الكلام تفاديا لكلمة وداعا ... لكننا أردنا أن نسمع منهم أي كلام و لو كان وداعا ...
عجبا أتراهم يبخلون بها علينا ، آم استثقلوها لأنها ثقيلة على القلوب قبل الألسن ، لكننا كنا نتمنى ألا نفترق هكذا ،
كنا نرجو أن نقول وداعــا
غريب ... قد يكذب المرء على نفسه أيضا .... أترانا نستطيع قول الوداع ؟ آم أن في الأمر حقيقة نخفيها حتى على أنفسنا
نشتاق
نشتاق إلى أيام مضت ، نبصر في العالم غيرهم و كأننا نبحث عن البديل ، نسمع من غيرهم غير ما نسمع منهم ،
تميزهم ينفرنا من غيرهم ، ويبدي جليا تألقهم و روعتهم ، لكن .... ترجع بنا الأفكار إلى مكاننا حيث نقف ..
نقف وحدنا .. ننتظرهم ... لكنهم لم يأتوا
و من يدري قد لا يرجعون أبدا .... فعلا هذا ما نحسه ، و هذا ما سنبقى نحسه دائما ، لأن النهاية مفتوحة ما لم نقل وداعــا
نجبر القلب على أن يقسوا عليهم بعد هجرانهم هذا ، لكنه يرفض و يأتي بكل الأعذار دفاعا عنهم ،
بل انه يأتي باللائمة علينا ،ويقول : هذا حقهم وهاته حياتهم لا شريك لهم فيها ، يكفيكم فقط ما فعلتم معهم ،
بل تمنوا فقط أن يسامحوكم ، و هذا جزاؤكم الذي تستحقونه تركوكم دون وداع.
لا نريد الوداع ... وحتى إن قلناه فإننا لا نعنيه ، لأنهم لم و لن يودعوا فكرنا أبدا ما حيينا ،
كما كنا دائما نقولها ، سنتذكرهم حتى آخر أيام حياتنا ، حتى وان عاشوا حياة غير حياتنا ،
سنظل ندعو لهم بالسعادة والهناء .....هم اعلم بمكانتهم وقدرهم عندنا ، فماذا تعني الآن كلمة وداعــا
أيها الراحلون عن حياتنا مهلا ... ليست كلمة منا أو منكم ستمسح ما لقيناه معكم ، انتم ابلغ من كل الكلمات ،
و اقوي من كل المعاني
لا تظنوا أبدا أن كلمة ستنسينا كم ، ولا حتى كل الكلمات بكل اللغات ، هل تعلمون لماذا أردنا القول وداعا ؟؟
لأننا اشتقنا لرؤيتكم و لسماعكم .... و لأي كلمة منكم ........ ولو كانت .... وداعــا
لن ننساكم.....................................