***__________***
بسم الله الرحمان الرحيم
مرحبا بك في منتدياتنا نرجو ان تكون (ي) في تمام الصحة و العافية فاذاكنتم اعضاء لدينا فارجو منكم الدخول . واذا كنتم زوارا اتشرف بتسجيلكم في المنتدى واتمنا ان تقضو معنا اجمل الاوقات.

وشكرا.....
***__________***
بسم الله الرحمان الرحيم
مرحبا بك في منتدياتنا نرجو ان تكون (ي) في تمام الصحة و العافية فاذاكنتم اعضاء لدينا فارجو منكم الدخول . واذا كنتم زوارا اتشرف بتسجيلكم في المنتدى واتمنا ان تقضو معنا اجمل الاوقات.

وشكرا.....
***__________***
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

***__________***


 
الرئيسيةثانوية محمد فاتأحدث الصورالتسجيلدخولتسجيل دخول الاعضاء
التبادل الاعلاني
المتواجدون الآن ؟
ككل هناك 5 عُضو متصل حالياً :: 0 عضو مُسجل, 0 عُضو مُختفي و 5 زائر

لا أحد

أكبر عدد للأعضاء المتواجدين في هذا المنتدى في نفس الوقت كان 53 بتاريخ الثلاثاء 11 أكتوبر 2016 - 23:59
المواضيع الأخيرة
»  عندما تظن انك على صواب
تتبُّع الرُّخص بين الشرع والواقع I_icon_minitimeالأحد 11 يناير 2015 - 16:04 من طرف Amina L'Algérienne

» موضوع المليون رد .......
تتبُّع الرُّخص بين الشرع والواقع I_icon_minitimeالأحد 2 نوفمبر 2014 - 18:46 من طرف kader_0778

» ﻔَﺮﻕ ﺑﻴﻦّ ﺍﻟﻤَﻐﻔِﺮﻩ ﻭَﺍﻟﻌَﻔﻮ
تتبُّع الرُّخص بين الشرع والواقع I_icon_minitimeالأحد 2 نوفمبر 2014 - 18:39 من طرف kader_0778

» !!!!!؟؟؟؟؟
تتبُّع الرُّخص بين الشرع والواقع I_icon_minitimeالأحد 2 نوفمبر 2014 - 18:36 من طرف kader_0778

» حُلْم..
تتبُّع الرُّخص بين الشرع والواقع I_icon_minitimeالأحد 17 أغسطس 2014 - 12:14 من طرف صَمْتـــ الرَحِيـــــلْ

»  لرقم خمسة واختار عضو وتكلم عليه
تتبُّع الرُّخص بين الشرع والواقع I_icon_minitimeالجمعة 15 أغسطس 2014 - 1:35 من طرف صَمْتـــ الرَحِيـــــلْ

»  كيف احزن والله ربي
تتبُّع الرُّخص بين الشرع والواقع I_icon_minitimeالثلاثاء 5 أغسطس 2014 - 18:33 من طرف *ثابتة في زمن العواصف*

»  فضائل صوم ست من شوال
تتبُّع الرُّخص بين الشرع والواقع I_icon_minitimeالثلاثاء 5 أغسطس 2014 - 17:38 من طرف *ثابتة في زمن العواصف*

»  وقفات لما بعد رمضان
تتبُّع الرُّخص بين الشرع والواقع I_icon_minitimeالجمعة 1 أغسطس 2014 - 12:51 من طرف صَمْتـــ الرَحِيـــــلْ

لنحيا بالقرءان
TvQuran
تسجيل صفحاتك المفضلة في مواقع خارجية
تسجيل صفحاتك المفضلة في مواقع خارجية reddit      

قم بحفض و مشاطرة الرابط ثانوية احمد فاتحة على موقع حفض الصفحات

قم بحفض و مشاطرة الرابط ***__________*** على موقع حفض الصفحات
الزوار
تتبُّع الرُّخص بين الشرع والواقع Labels=0
المواضيع الأكثر نشاطاً
لرقم خمسة واختار عضو وتكلم عليه
موضوع المليون رد .......
/ تحدي المشرفين xالاعضاء /
•( لعبـــة الاسمــــــــاء )•
المتنافسون في محبة الرسول
][®][^][®][اروع الصور لثاثويتنا العزيزة ][®][^][®][
لعبة جدبدة : لعبة المدن والولايات الجزائرية
قنبلة الموسم اجمل مدينة في عين الدفلى العبادية
كيف تنصر المصطفى عليه الصلاة والسلام
قسم 3تقني رياضي
أفضل 10 أعضاء في هذا الأسبوع
لا يوجد مستخدم
أفضل 10 أعضاء في هذا الشهر
لا يوجد مستخدم

 

 تتبُّع الرُّخص بين الشرع والواقع

اذهب الى الأسفل 
2 مشترك
كاتب الموضوعرسالة
houssem big
عضو ماسي
عضو ماسي
houssem big


ماهو ناديك المفضل؟ : جمعية شلف
ذكر السمك الديك
عدد المساهمات : 1315
الرصيد المالي : 31975
حب الاصدقاء له : 6
تاريخ الميلاد : 05/03/1993
تاريخ التسجيل : 04/12/2010
العمر : 31
الموقع : العبادية

بطاقة الشخصية
امراء المنتدى امراء المنتدى: 3

تتبُّع الرُّخص بين الشرع والواقع Empty
مُساهمةموضوع: تتبُّع الرُّخص بين الشرع والواقع   تتبُّع الرُّخص بين الشرع والواقع I_icon_minitimeالثلاثاء 6 سبتمبر 2011 - 2:06

المقدمة
إنَّ الحمدَ لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضلَّ له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أنَّ محمدًا عبدُه ورسولُه؛ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ [آل عمران: 102]، يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا [النساء: 1]، يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا [الأحزاب: 70-71]، أما بعد:
فإن موضوع الفُتيا وسؤال أهل العلم يمثِّل جانبًا مهمًّا في حياة المسلم، ولذلك أَفْرَدَ الأئمَّةُ– رحمةُ الله تعالى عليهم– في هذا المجال مصنَّفات مستقلَّةً تناولوا فيها عامَّةَ ما يتعلَّق بالفُتيا وضوابطها وآدابها وما يجب على المفتي والمستفتي وأحكام كلِّ واحد منهما.
ولو تأمَّل المرءُ في حال كثير من النَّاس اليومَ وما هم عليه بشأن الفُتيا فإنَّه يجد أمورًا كثيرةً تستوقفه مخالفةً للشَّرع الحنيف ومخالفةً لما قرَّره الأئمةُ في مصنَّفاتهم؛ من عدم استشعار المسؤولية، أو التَّسَرُّع، أو القول بغير علم، أو التَّصدِّي للفتوى من غير تأهُّل لها، أو التَّساهل فيها ... وكل هذه الأمور لها أسبابها وتداعياتها، ويطول المقام لطرحها ومناقشتها.
ولكن أحسب أنَّ من أخطرها وأشدِّها مسألة التَّساهلُ وتتبُّعُ رخص العلماء؛ وبخاصَّة أنَّها انتشرت وبدأ يظهر العمل بها في هذا الزمن من قبل بعض المفتين والمستفتين، ومع ذلك نجد أنَّ الحديثَ عنها تحذيرًا وتنبيهًا ليس بالقدر المطلوب الذي يفترضه الشَّرع ويقتضيه العقل، ومن باب التَّواصي بالحقِّ والإعذار إلى الله العليم الخبير جاء هذا البحث الذي أبيِّن فيه - بمشيئة الله تعالى - بعضَ المباحث حولَ هذه المسألة، وما يترتَّب عليها؛ سائلاً الله - عز وجل - الهدايةَ والسَّدادَ فيه وفي جميع الأقوال والأفعال( ).
ولا يَسَعُني في ختام هذه المقدِّمة إلا أن أشكر اللهَ وحدَه أهلَ الثَّناء والمجد، ثم أشكر ثانيًا كلَّ مَنْ قرأ هذا الكتاب وأبدى بعض الملاحظات والتَّوجيهات من المشايخ وطلبة العلم الكرام، وأَخُصَّ منهم فضيلةَ الشيخ الأستاذ الدكتور صالح بن غانم السدلان، والشيخ الأستاذ الدكتور عابد السفياني، والشيخ الأستاذ الدكتور عياض السلمي؛ فجزاهم الله عنِّي خيرَ الجزاء، وجعلني وإياهم مباركين أينما كُنَّا ... آمين.
عبد اللطيف بن عبد الله التويجري
الرياض

خطَّةُ البحث
التمهيد، وفيه:
- تعريف الرُّخصة الشرعية.
- تعريف تتبُّع الرُّخَص.
- تعريف التلفيق، والفرق بينه وبين تتبُّع الرُّخَص.
الفصل الأول: حكم الأخذ بالرخص، وفيه مبحثان:
- الأول: حكم الأخذ بالرخص الشرعية.
- الثاني: حكم تتبع الرخص.
الفصل الثاني: الآثار المترتبة على تتبع الرخص.
الفصل الثالث: تتبع الرخص في العصر الحديث، وفيه مبحثان:
- الأول: واقع المفتين.
- الثاني: واقع المستفتين.
الخاتمة والتوصيات.

التمهيد
تعريف الرُّخصة الشَّرعيَّة.
تعريف تتبُّع الرُّخَص.
تعريف التَّلفيق، والفرق بينه وبين تتبُّع الرُّخص.

تعريف الرُّخصة الشَّرعيَّة
قبل تعريف الرُّخصة الشَّرعية بمفهومها الاصطلاحيّ يحسن أن نبيِّنَ مدلول كلمة (الرُّخصة) من حيث معناها اللُّغويِّ؛ حيث إنَّها تُطْلَقُ ويراد بها عدَّة معان، منها: التَّسْهيل والتَّخفيف والتَّيسير.
يقول ابن فارس (ت: 395): (الراء والخاء والصاد أصل يدلُّ على لين وخلاف شدة)( ).
ويقول ابن منظور (ت: 711): (الرُّخصةُ ترخيصُ الله للعبد في أشياء خفَّفها عنه، والرُّخصة في الأمر خلاف التَّشديد)( ).
أمَّا ما يتعلَّق بتعريف الرُّخصة الشَّرعيَّة اصطلاحًا، فالنَّاظر في كتب أصول الفقه يجد أنَّه لا يخلو كتابٌ أُلِّفَ في هذا الفَنِّ قديمًا وحديثًا إلا ويوجد به تعريفٌ للرُّخصة الشَّرعيَّة؛ لهذا فقد كثرت تعريفاتُ العلماء لها وتنوَّعت، وأجودُ هذه التَّعريفات– كما قال الشيخ محمد الأمين الشّنقيطي( ) (ت: 1393)– تعريف تاج الدِّين السُّبكيّ الشَّافعيّ (ت: 771)؛ حيث عَرَّفَها بقوله:
«الحكمُ الشَّرعيُّ الذي غيَّر من صعوبة إلى سهولة ويسر لعذر اقتضى ذلك، مع قيام سبب الحكم الأصليِّ»( ).
ولو أخذنا التعريفَ بمعناه العامّ وبعيدًا عن شرح مفرداته ومحترزاته التَّفصيليَّة تبيَّن لنا المقصود؛ حيث إنَّها رُخَصٌ شرعيَّةٌ معتبَرَةٌ جاء بها الشَّارع الحكيم تخفيفًا على المكلَّفين وتسهيلاً للأحكام وتيسيرًا للعمل ودفعًا للمشقَّة والحَرَج؛ فمثلاً: الذي لا يستطيع استعمالَ الماء لعدم القدرة عليه، أو أنَّه لم يجده، أبيح له التَّيمُّمُ بقوله– عز وجل: فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا [النساء: 43]، وهي مسألةٌ معلومةٌ مفصَّلةٌ في كتب الفقه.
ومن الأمثلة أيضًا أنَّ القرآنَ الكريمَ نصَّ على أنَّ حكمَ أكل الميتة محرَّمٌ بقوله– تعالى: حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ [المائدة: 3]؛ لكن جاءت بعد ذلك الرُّخصةُ الشَّرعيَّةُ المشروطةُ بقوله– تعالى: فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لِإِثْمٍ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ [المائدة: 3].
قال ابنُ قدامة المقدسي (ت: 620): «فإن قيل: فكيف يسمَّى أكلُ الميتة رخصةً مع وجوبه في حال الضَّرورة؟ قلنا: يُسَمَّى رخصةً من حيث أنَّ فيه سعةً؛ إذ لم يكلِّفه الله– تعالى– إهلاكَ نفسه...»( ).
فهذه الأمثلةُ ونحوُها ممَّا يندرج تحتَ هذا الأصل جاءت بها نصوصٌ عديدةٌ عامَّةٌ من الكتاب والسُّنَّة تؤصِّلُه وتدلُّ عليه؛ مثل قوله– عز وجل: يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ [البقرة: 185]، وقوله– تعالى: وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ [الحج: 78]، وقوله : «عليكم برخصة الله الذي رخَّص لكم ...»( ).
إلى غير ذلك من الآيات والأحاديث الكثيرة التي جاءت في كتاب الله– عَزَّ وجَلَّ– وسنة رسوله ؛ حيث استنبط منها أهلُ العلم قواعدَ كثيرةً جامعةً، وقرَّروها في كتبهم ومصنَّفاتهم؛ مثل قولهم:
«المشقَّةُ تجلب التَّيسير».
و«الحرج مرفوع».
و«الضرر يزال».
و«إذا ضاق الأمر اتسع»... وغيرها.
ومن خلال هذه الآيات والأحاديث والقواعد الشَّرعيَّة المعتبرة يتَّضح بجلاء أنَّ التَّيسيرَ والتَّخفيفَ والتَّرخيصَ للمكلَّفين عند المشقَّة مقصدٌ عظيمٌ من مقاصد الشَّرعيَّة، وأصلٌ مقطوع به من أصولها؛ حيث إنَّها تحفظ على الناس ضروريَّاتهم وحاجياتهم، وتوسِّع عليهم، وترفع الضَّررَ عنهم؛ فهي من رحمة الله بهم وفضله عليهم؛ لئلَّا يكون إعنات أو حرج فيما كلفوا به ( ).
وقبل أن نَختمَ هذا المبحثَ ينبغي التَّنبيهُ على أنَّ لهذه الرُّخص أحكامًا وشروطًا وضوابط أَفْرَدَ لها علماءُ الأصول أبوابًا مستقلَّةً في كتبهم؛ وإنَّما ذُكر مفهومها وأمثلتُها هنا لكي لا تلتبسَ بالمقصود في هذه الرِّسالة؛ وهو تَتَبُّعُ رخص العلماء؛ حيث إنَّ الرُّخَصَ الشَّرعيَّة لا خلافَ في الأخذ بها إذا توفَّرت الشُّروط وانتفت الموانع؛ كما سيأتي.
أما حكم تتبُّع الرُّخص بأخذ أسهل الأقوال في مسائل الخلاف فهو مدار بحثنا وحديثنا كما في المبحث التالي إن شاء الله تعالى:

تعريف تتبُّع الرُّخص
وردت عدَّة تعريفات في كتب أهل العلم لتتبُّع الرُّخص، وكلُّها تدور حول معنى واحد، وبعضها أدقُّ من بعض؛ فمثلاً: عرَّفه بدرُ الدِّين الزَّركشيُّ الشَّافعيُّ (ت: 794) بأنَّه: «اختيارُ المرء من كلِّ مذهب ما هو الأهون عليه»( )، وعرَّفه الجلالُ المحليُّ (ت: 864) بقوله: «أن يأخذ من كلِّ مذهب ما هو الأهونُ فيما يقع من المسائل»( ).
وذكره المجمع الفقهيُّ الدَّوليُّ بأنَّه: «ما جاء من الاجتهادات المذهبيَّة مبيحًا لأمر في مقابلة اجتهادات أخرى تحظره»( ).
فكلُّ هذه المعاني والتَّعريفات هي المعنيَّةُ بهذا البحث؛ فالمرادُ أن يتتبَّعَ المرءُ رُخصَ العلماء باتِّباع الأسهل في أقوالهم في المسائل العلميَّة؛ بحيث لا يكون اتِّباعُه لهذه الرُّخَص بدافع قوَّة الدَّليل وسطوع البراهين؛ بل رغبةً في اتِّباع الأيسر والأخفّ؛ سواءً أكان ذلك بهوى في النَّفس، أم بقصد التَّشَهِّي، أم بجهل منه، أم لأسباب أخرى سيأتي بيانها في العناصر الآتية.

تعريف التَّلفيق
والفرق بينه وبين تتبُّع الرُّخَص
لمسألة التَّلفيق( ) علاقةٌ وثيقةٌ بتتبُّع الرُّخص؛ لذا فإنَّه يَحْسُنُ أن نلقيَ الضَّوءَ على هذه المسألة ومفهومها ودلالتها، ونبيِّن الفرقَ بين التَّلفيق وبين تتبُّع الرُّخص؛ فالمقصودُ بالتَّلفيق عند العلماء هو: الإتيان بكيفية لا يقول بها مجتهد؛ وذلك بأن يلفِّقَ في قضية واحدة بين قولين أو أكثر يتولَّد منهما حقيقةٌ مركَّبةٌ لا يقول بها أحدُ الأئمَّة ( ).
وقد اختلف العلماء في حكم التَّلفيق؛ فمنهم مَن مَنَعَه مُطْلَقًا، ومنهم مَن أجازه مُطْلَقًا، والصَّحيح– والله تعالى أعلم– التَّفصيلُ في ذلك؛ حيث يقال: إنَّه جائز بشروط. وهذا القولُ اختاره شهابُ الدِّين القرافي المالكي (ت: 684)، وشيخ الإسلام ابن تيمية (ت: 728)، وتلميذه ابن القيم (ت: 751)، والشيخ عبد الرحمن المعلِّميّ (ت: 1386) وغيرهم ( )، وهو الذي أقرَّه مجمعُ الفقه الإسلاميّ الدَّوليُّ.
وبالتَّأَمُّل في الشُّروط التي ذكرها كلُّ واحد منهم نستطيع أن نُجْملَها فيما يلي ( ):
1- يُمنع التَّلفيق إذا أدَّى ذلك إلى الأخذ بالرُّخص الممنوعة؛ قال الشيخ المعلميّ (ت: 1386): «وقضيَّةُ التَّلفيق إنَّما شدَّدوا فيها إذا كانت لمجرَّد التَّشَهِّي وتتبُّع الرُّخص»( ). وأشهرُ مثال في ذلك: تلفيقُ بعض الشُّعراء في الأبيات المشهورة؛ حيث زعم أنَّ أبا حنيفة أباح النَّبيذَ، والشافعيَّ قال: النَّبيذُ والخمر شيءٌ واحدٌ. فلفَّق من القولين قولاً نتيجته إباحة الخمر ( ).
2- إذا أدى التلفيق إلى نقص حكم الحاكم؛ لأن حكمه يرفع الخلاف درءًا للفوضى ( ).
3- إذا أدَّى إلى نقض ما عمل به تقليدًا في واقعة واحدة ( ).
4- إذا أدَّى إلى مخالفة الإجماع أو ما يَستلزمه ( ).
5- إذا أدَّى إلى حالة مركَّبة لا يقرُّها أحدٌ من المجتهدين؛ كمن تزوَّج امرأةً بلا وليّ ولا شهود مقلِّدًا أبا حنيفة في عدم اشتراط الولاية، ومقلِّدًا الإمامَ مالكًا في عدم اشتراط الشَّهادة بذاتها والاكتفاء بإعلان الزَّواج.
فهذا الزَّواج غير صحيح؛ لأمور:
أَوَّلُها: أنَّ الإمامين أبا حنيفة ومالكًا لا يجيزانه على هذه الصُّورة الملفَّقة؛ لأنَّه تولَّد منه قولٌ آخرُ كانت نتيجتُه مخالفةً لمذهبيهما على كيفيَّة لا يصحِّحانها.
وثانيها: أنَّ هذا الرَّأيَ مخالفٌ للأدلَّة الصَّحيحة الواردة في هذه المسألة، ومعلومٌ أنَّ الأصلَ في الأبضاع (الفروج) التَّحريمُ.
وثالثها: أنَّ في ذلك تلاعبًا بالشَّريعة وخروجًا عن مقاصدها العظيمة.
يقولُ السَّفارينيُّ (ت: 1188): «وهذا باب لو فُتح لأفسد الشَّريعةَ الغَرَّاء، ولأباح جُلَّ المحرَّمات»، ثم استشهد بالمثال السَّابق على هذا الكلام، وقال: «وهذا لا يمكن أن يقول به عاقل»( ).
وبعد هذه الشُّروط والأمثلة السَّابقة للتَّلفيق نستطيع بعد ذلك أن نبيِّن الفرقَ بين التَّلفيق وتتبُّع الرُّخَص؛ فبينهما فروقٌ من نواح عديدة؛ منها ( ):
1- أنَّ تَتَبُّعَ الرُّخص يكون بأخذ القول الأخفِّ والأسهل في المسائل الخلافية؛ أمَّا التَّلفيق فحقيقتُه الجمع بين قولين في مسألة واحدة مترابطة.
2- أنَّ التَّلفيقَ جمعٌ بين أقوال العلماء وتصرُّفٌ فيها بقول لا يصحِّحه أحدٌ من المجتهدين، وقد ينتج عن ذلك إحداث قول جديد في المسألة لم يقل به مجتهد؛ بينما الأخذُ بالرُّخَص ليس فيه إحداث قول جديد؛ وإنَّما يأخذ برخصة قالها أحدُ العلماء.
3- أنَّ التَّلفيقَ قد يؤدِّي إلى مخالفة إجماع العلماء؛ بخلاف تتبُّع الرُّخص فإنَّه يكون بأخذ قول أحد من العلماء.




الفصل الأول
حكم الأخذ بالرُّخَص، وفيه مبحثان:
الأوَّل: حكمُ الأخذ بالرُّخص الشَّرعيَّة.
الثَّاني: حكم تتبُّع الرُّخص.

المبحث الأولُ
حكم الأخذ بالرُّخص الشَّرعيَّة
لا خلاف عند جمهور أهل العلم في مشروعيَّة الأخذ بالرُّخص الشَّرعيَّة إذا وجدت أسبابُها وتحقَّقت دواعيها، وهي تأتي عندهم على أقسام ( ):
- الرُّخصة الواجبة: ومثَّلوا لها بأكل الميتة للمضطرّ؛ لأنَّه سببٌ لإحياء النَّفس، وما كان كذلك فهو واجب.
- الرُّخصة المندوبة: كالقصر في الصلاة؛ إذا توفَّرت الشُّروط وانتفت الموانع.
- الرُّخصة المباحة: كالسَّلَم ( )، وكالتَّكَلُّم بكلمة الكفر عند الإكراه مع طمأنينة القلب.
قال في شرح مختصر الرَّوضة: «والرخصة قد تجب؛ كأكل الميتة عند الضَّرورة، وقد لا تجب؛ ككلمة الكفر»( ).
- رخصة على خلاف الأولى: ومثَّلوا لها بفطر المسافر في نهار رمضان الذي لا يتضرَّر بالصَّوم؛ لقوله – تعالى -: وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ [البقرة: 184]؛ حيث قالوا: إنَّ الصومَ مأمورٌ به في السَّفر أمرًا غير جازم؛ وهو يتضمَّن النَّهيَ عن تركه، وما نهي عنه نهيًا غيرَ صريح فهو خلاف الأولى ( ).

المبحث الثاني
حكم تتبُّع الرُّخَص
المرادُ بهذا المبحث هو: حكم أخذ المكلَّف برخص العلماء وزَلَّاتهم والانتقاء من أقوالهم الأيسر والأخفّ، وهذا ما يسمِّيه العلماء بالتَّرَخُّص المذموم؛ لذلك جاءت مواقفهم وعباراتهم شديدة ومشنّعة على مَنْ فعله أو قال به؛ حتى نقل بعضُهم الإجماعَ على تحريم ذلك؛ كابن حزم الظَّاهريّ (ت: 456)، وابن عبد البَرّ المالكيّ (ت: 463)، وأبي الوليد الباجيّ الشَّافعيّ (ت: 494)، وابن الصَّلاح الشَّافعيّ (ت: 643)، وابن النَّجَّار الحنبليّ (ت: 972) وغيرهم ( ).
وسنذكر هنا جملةً من أقوال أهل العلم في هذه المسألة:
- قال أمير المؤمنين عمر بن الخطاب– رضي الله عنه: «ثلاثة يهدمن الدِّينَ: زَلَّةُ العالم، وجدالُ المنافق، وأئمَّةٌ مضلُّون»( ).
- وقال سليمان التيميّ (ت: 143):
«لو أخذتَ برخصة كلِّ عالم اجتمع فيك الشَّرُّ كُلُّه»( ).
- وقال إبراهيم بن أبي علية (ت: 152):
«من تبع شواذَّ العلم ضلَّ»( ).
- وقال الإمام الأوزاعي (ت: 157):
«من أخذ بنوادر العلماء خرج من الإسلام»( ).
- وروي عن إبراهيم بن أدهم (ت: 161) قوله:
«إذا حملت شاذَّ العلماء حملت شرًّا كثيرًا»( ).
- وقال ابنُ حزم الأندلسيّ (ت: 456) وهو يبيِّن طبقات المختلفين:
«وطبقة أخرى وهم قوم بلغت بهم رقَّة الدِّين وقلَّة التَّقوى إلى طلب ما وافق أهواءهم في قول كلِّ قائل؛ فهم يأخذون ما كان رخصةً من قول كلِّ عالم مقلِّدين له غير طالبين ما أوجبه النَّصُّ عن الله– تعالى– وعن رسوله »( ).
- ويقول العزُّ بن عبد السَّلام (ت: 748):
«يجوز تقليدُ كلِّ واحدٍ من الأئمَّة الأربعة– رضي الله عنهم ... ولا يجوز تتبُّعُ الرُّخَص»( ).
- وقال الإمام الذهبيُّ (ت: 748):
«من تتبَّع رخصَ المذاهب وزَلَّات المجتهدين فقد رَقَّ دينُه»( ).
- وقال الشَّيخُ عبد اللَّطيف آل الشَّيخ (ت: 1293):
«وأما استنصارُ المسلم بالمشرك على الباغي فلم يقل بهذا إلَّا مَنْ شَذَّ واعتمد القياس ولم ينظر إلى مناط الحكم، والجامع بين الأصل وفرعه، ومَنْ هجم على مثل هذه الأقوال الشَّاذَّة واعتمدها في نقله وفتواه فقد تتبَّعَ الرُّخصَ ونبذَ الأصلَ المقرَّرَ عند سلف هذه الأمَّة وأئمَّتها»( ).
والأقوالُ في هذه المسألة كثيرةٌ جدًّا، وهي بذلك تَدُلُّ دلالةً واضحةً على ذَمِّ هذا العمل وهذا المنهج؛ لأنَّه يؤدِّي إلى آثار ونتائج خاطئة ومعارَضة لأصل الشَّريعة كما سنبيِّنُه في العنصر الآتي؛ علمًا أنَّ هذا الحكمَ خاصٌّ فيمن تتبَّع الرُّخَصَ لمجرَّد اتِّباع الهوى أو بحث عن الحكم الأسهل أو حاول الإعراضَ أو التَّجاهلَ للأدلَّة.
أمَّا إذا كان غير ذلك فقد أجاز بعض العلماء الأخذ بالرُّخص بمراعاة الضَّوابط الشَّرعيَّة التَّالية ( ):
1- أن تكون أقوالُ الفقهاء التي يُتَرَخَّصُ بها معتبرةً شرعًا ولم توصَف بأنَّها من شواذِّ الأقوال.
2- أن تقوم الحاجة إلى الأخذ بالرُّخصة؛ دفعًا للمشقَّة؛ سواءً كانت حاجةً عامَّةً للمجتمع أو خاصَّة أو فَردية.
3- أن يكون الآخذُ بالرُّخصة ذا قدرة على الاختيار، أو أن يعتمد على مَنْ هو أهلٌ لذلك.
4- أن لا يترتَّب على الأخذ بالرُّخَص الوقوعُ في التَّلفيق الممنوع.
5- أن لا يكون الأخذُ بالرُّخَص ذريعةً للوصول إلى غرض غير مشروع.
6- أن تطمئنَّ نفسُ المترخِّص للأَخْذ بالرُّخصة.
وهنا مسألة دقيقة نبَّه عليها بعض المحقِّقين من أهل العلم؛ كابن الصَّلاح (ت: 643)، والنَّوويّ (ت: 676)، وابن القَيِّم (ت: 751)، وغيرهم( ) وهي أنَّ مَنْ صَحَّ مقصدُه واحتسب في تطلُّب حيلة لا شبهةَ فيها ولا تجرُّ إلى مفسدة للتَّخلُّص– مثلاً– من ورطة يمين ونحوها وهو ثقة؛ فذلك حسنٌ جميلٌ؛ وعليه يُحْمَلُ ما جاء عن بعض السَّلَف؛ كقول سفيان: «إنَّ العلمَ عندنا الرُّخصة من ثقة؛ فأمَّا التَّشديدُ فيُحسنه كلُّ أحد».
قال ابن الصَّلاح (ت: 643): «وهذا خارج على الشَّرط الذي ذكرناه؛ فلا يفرحنَّ به من يُفتي بالحيل الجارَّة إلى المفاسد»( ).
ويوضِّح هذه المسألةَ أكثرَ الإمامُ ابنُ القَيِّم (ت: 751) فيقول: «الفائدة التَّاسعة والثَّلاثون: لا يَجوز للمفتي تتبُّع الحيل المحرَّمة والمكروهة، ولا تتبع الرُّخص لمن أراد نفعَه، فإن تتبَّع ذلك فَسَق، وحَرُمَ استفتاؤه؛ فإن حسن قصدُه في حيلة جائزة لا شبهة فيها ولا مفسدة لتخليص المستفتي بها من حرج جاز ذلك؛ بل اسْتُحبَّ، وقد أرشد الله– تعالى– نبيَّه أيوب– عليه السلام– إلى التَّخَلُّص من الحنث بأن يأخذ بيده ضغثًا فيضرب به المرأة ضربة واحدة، وأرشد النبي  بلالاً إلى بيع التمر بدراهم ثم يشتري بالدراهم تمرًا آخر فيتخلَّص من الرِّبا؛ فأحسنُ المخارج ما خلص من المآثم، وأقبح الحيل ما أوقع في المحارم، أو أسقط ما أوجبه الله ورسوله من الحقِّ اللازم»( ).




الفصل الثاني
الآثار المترتِّبة على تتبُّع الرُّخَص

الفصل الثاني
الآثار المترتِّبة على تتبُّع الرُّخص
لا شكَّ أنَّ لتتبُّع الرُّخص آثارًا سلبيَّةً تؤدِّي إلى نتائج خطيرة، وقد توسَّع في الحديث عنها الشَّاطبيُّ (ت: 790) في كتابه النَّفيس: الموافقات، وأيضًا هناك بعض الإشارات من علماء آخرين كابن الصَّلاح (ت: 643)، والنَّوويُّ (ت: 676)، وابن القَيِّم (ت: 751)، أُجْملُها في النِّقاط التَّالية ( ):
1- أنَّ في تتبُّع الرُّخَص مخالفةً لأصول الشَّريعة ومقاصدها؛ لأنَّ الشَّريعةَ جاءت لتخرج الإنسان من داعية هواه، وجاءت بالنَّهي عن اتِّباع الهوى؛ أمَّا تَتَبُّع الرُّخص فقد حثَّ على بقاء الإنسان فيما يحقِّق هواه، واتِّباع ما تميل إليه نفسُه.
2- أنَّ في تتبُّع الرُّخص انحلالاً من ربقة التَّكليف؛ يقول الشاطبيُّ (ت: 790) وهو يتكلم عن ذلك: «فإنَّه مؤدًّ إلى إسقاط التَّكليف من كلِّ مسألة مختلَف فيها؛ لأنَّ حاصلَ الأمر مع القول بالتَّخيير أنَّ للمكلَّف أن يفعل ما يشاء ويترك ما يشاء؛ وهو عين إسقاط التَّكليف»( ).
3- تَرْكُ اتِّباع الدَّليل إلى اتِّباع الخلاف؛ وهذا مخالفٌ لقوله– تعالى: فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا [النساء: 59].
4- الاستهانةُ بالدِّين وشرائعه؛ إذ يَصير بذلك سيالاً لا ينضبط.
5- ترك ما هو معلوم إلى ما ليس بمعلوم.
6- انخرام نظام السِّياسة الشَّرعية الذي يقوم على العدالة والتَّسوية؛ بحيث إذا انخرم أدَّى إلى الفوضى والمظالم وتضييع الحقوق بين الناس.
7- أن تتبُّعَ الرُّخص يُفضي إلى القول بتلفيق المذاهب على وجه يَخرق إجماع العلماء.




الفصل الثالث
تتبع الرخص في العصر الحديث
وفيه مبحثان:
الأول: واقع المفتين.
الثاني: واقع المستفتين.

المبحثُ الأوَّل
واقعُ المفتين
إنَّ النَّاظرَ في منهج بعض المنتسبين للفتيا اليومَ يخشى أن يشملَهم ذلك الذَّمُّ والزَّجْرُ الذي قاله العلماءُ وحَذَّروا منه؛ لوقوعهم في المحظور المنهيِّ عنه تارة، ولكونهم أخذوا التَّيسيرَ منهجًا في الفتوى تارةً أخرى، والأمر المدهشُ في هذه القضية أنَّك تجدهم يحتجُّون بحجج عامَّة غير منضبطة يَصدق عليها مقولة: «حقٌّ يُرادُ به باطل»؛ فهم– مثلاً– يبرِّرون مسلكَهم هذا بحجَّة أنَّ الدينَ يُسر، وأنَّ الشَّريعةَ جاءت بقواعد السُّهولة والسَّماحة ورفع الحرج، ونحن إذا أخذنا بأهون الأقوال في المسائل وافقنا هذه القواعد والأصول السَّمحة التي شرَّعها الدين.
وحين نتأمَّل هذا الكلام نجد أنَّ مقدمتَه صحيحةٌ لا غبارَ عليها؛ ولكن نتيجتَه فاسدة؛ إذ إنَّ كونَ الشَّريعة قد راعت اليُسْرَ والسُّهولة في تكاليفها لا يعني بحال أن يختار المرءُ من أقوال الفقهاء ما يشتهي؛ لأنَّ هناك تناقضًا وتباعدًا بين هذه القاعدة العظيمة التي شرعها وجاء بها الخالق الحكيم، وبين تتبُّع رخص البشر المخلوقين.
وأمرٌ آخرُ؛ إذ كيف يسوَّغ للمكلَّف أن يرفع مشقَّةَ التَّكليف الشَّرعيّ التي شرَّعها الشَّارع بحيث يتَّبع كلَّ سهل جاء عن هؤلاء العلماء المخلوقين بدون أصول وضوابط؟!
إنَّ من المغالطات والأخطاء أن نقوم بتقرير فرع فاسد ونبنيه على أصل صحيح، وكون المرء يأخذ برخصة إمام من الأئمة خالف فيها الدَّليل الصَّحيح لأسباب وأمور لا يُلامُ عليها ومعذور فيها( ) بحجَّة القاعدة الكبرى وهي التَّيسير ورفعُ المشقَّة والحرج؛ فلا جرم أنَّ هذا منهجٌ مخالفٌ لأصول الدِّين، ويوصِّلنا إلى منهج يعارضُ مقاصدَ الشَّريعة وانضباطَها، ولهذا نجد أنَّ العلماءَ المحقِّقين قد سَدُّوا هذا البابَ وحرَّموه؛ حفاظًا على الشريعة، يقول ابنُ مفلح: (ت: 762): «يَحْرُمُ التَّساهلُ في الفتيا، واستفتاء من عُرف بذلك»( ).
ويقولُ ابنُ القَيِّم (ت: 751): «الرَّأيُ الباطلُ أنواعٌ: أحدُهما: الرَّأيُ المخالفُ للنَّصِّ، وهذا مما يُعلم بالاضطرار من دين الإسلام فسادُه وبطلانُه، ولا تحلُّ الفتيا به ولا القضاء، وإن وقع فيه مَنْ وَقَعَ بنوع تأويل وتقليد»( ).
ويتَّضح هذا الأمرُ في الواقع اليوم؛ حيث إنَّ بعضَهم قد يحتجُّ ببعض أقوال العلماء وآرائهم المخالفة للنُّصوص الشَّرعيَّة، ويَحْتَجُّ بأنَّه قول أو رأي لفلان من الأئمة، وهذا أمر خطير، ويجب الحذر منه؛ لأنَّ هذا القولَ مخالفٌ للأدلَّة الشَّرعيَّة التي أُمر العبد المخلوق من خالقه باتِّباعها، وأُخذ عليها العهدُ والميثاقُ والتَّرهيبُ والتَّرغيبُ؛ فكيف يخالفها ويأخذ غيرَها من أقوال البشر وآرائهم؟! وإذا كان هذا الرَّأيُ أو القولُ يُعَدُّ زَلَّةً لهذا العالم أو الإمام فكيف يَحْتَجُّ به؟! إذ لا أسوةَ في الشَّرِّ؛ كما قاله ابنُ مسعود- رضي الله عنه( )؛ فالعصمةُ لم تكتب لهم، وإن كانوا من خيرة الناس وأزكاهم.
قال العزُّ بنُ عبد السَّلام (ت: 748): «ومن العجب العجيب أنَّ الفقهاءَ المقلِّدين يقف أحدهم على ضعف مأخذ إمامه بحيث لا يجد لضعفه مدفعًا، ومع هذا يقلِّده فيه، ويترك من الكتاب والسُّنَّة والأقيسة الصَّحيحة لمذهبه جمودًا على تقليد إمامه؛ بل يتحلَّل لدفع ظواهر الكتاب والسُّنَّة، ويتأَوَّلُهما بالتَّأويلات البعيدة الباطلة؛ نضالاً عن مقلِّده»( ).
ومن المؤلم– في هذا الزَّمن خصوصًا– أن نرى كثيرًا من أصحاب التَّساهل والتَّيسير المزعوم يقعون في محظورات وأخطاء جسيمة؛ فهاهم اليومَ يريدون تطويعَ الفتوى بحجَّة مسايرة الواقع ومواكبة تغيُّرات العصر، وها هم ينادون بتغيُّر الفقه الإسلاميّ؛ من أجل أن يكون فقهُ التَّيسير والوسطيَّة حسب أهوائهم ومصالحهم؛ كل هذا من أجل نصرة هذا المنهج المتساهل، ويا ليتهم يفيقون ويشاهدون آثارَه ونتائجَه؛ حيث أوصل هذا المنهج كثيرًا منهم إلى القول بالأقوال الغريبة والآراء الشَّاذَّة؛ حتَّى ميَّعوا الدِّين واستطال الجُهَّال عليه، وعطَّلوا بعضَ الحدود والأحاديث، وأصبحنا نرى فتاوى يستنكرها العوامُّ أصحابُ الفطر السَّليمة؛ فكيف بأهل العلم؟!
فهذا يرى جواز إمامة المرأة للرجال في الصلاة! وذلك يرى أنَّه لا ينبغي إقامة حدّ الرِّدَّة على المرتدِّ في هذا الوقت! وثالث يرى إباحةَ الغناء! ويأتي مَنْ يزعم أنَّ ديةَ الرجل تساوي ديةَ المرأة في هذا الزَّمن! ورابع يفتي بجواز إنشاء بنوك حليب للأمهات استنادًا إلى قول عن أبي ثور ولا يثبت، وآخر يرى جواز مصافحة المرأة الأجنبية للرجال وتقبيلها ضاربًا بالأحاديث الصريحة عرض الحائط. ويأتي في مقابلهم من يغلو فيرخص بقتل الكافر لمجرد وجوده بجزيرة العرب؛ اتِّباعًا لهواه ومنهجه ( ).
وهكذا في سلسلة أقوال شاذَّة وآراء فجَّة يمسك المتعالم لها روايةً ضعيفةً، أو خلافًا شاذًّا، أو فهمًا بعيدًا؛ فيبني عليه فتوى مجلَّلة بحلل البيان ونضد الكلام؛ لكنَّها عريَّةٌ عن الدَّليل والبرهان ( ).
وفي آخر المطاف لا تعجب أن تسمعَ مَن يقول لأحد اللِّجان الوضعيَّة في بلاده: «ضعوا من الموادِّ ما يبدو لكم أنَّه موافقٌ للزَّمان والمكان، وأنا لا يعوزني بعد ذلك أن آتيكم بنصٍّ من المذاهب الإسلامية يطابق ما وضعتم»( ).
إن من يسمع لمثل هذه الفتاوى أو يقرؤها يتبادر إلى ذهنه أسئلةٌ محيِّرةٌ وهي: كيف وصل الأمر إلى ذلك؟
وهل يجوز لهذا المفتي أو غيره من المفتين الإفتاءُ في دين الله بالتَّشَهِّي والتَّخيُّر؟ وهل يجوز البحث عن الأقوال التي توافق غرضَ المفتي وهواه أو غرض من يحابيه فيفتي به ويحكم به؟!
يُجيب عن ذلك الإمامُ ابن القيِّم (ت: 751) بقوله: «هذا من أفسق الفسوق، وأكبر الكبائر، والله المستعان»( ).
وهذا الإمامُ الشَّاطبيُّ (ت: 790) ينقل في (موافقاته) كلامًا جميلاً لأبي وليد الباجي (ت: 494)؛ حيث يقول:
«... لا خلاف بين المسلمين ممَّن يعتد به في الإجماع أنَّه لا يجوز ولا يسوغ ولا يحل لأحد أن يفتي في دين الله إلا بالحقِّ الذي يعتقد أنَّه حقٌّ؛ رضي بذلك من رضيه، وسخطه من سخطه؛ وإنَّما المفتي مخبرٌ عن الله– تعالى– في حكمه؛ فكيف يخبر عنه إلَّا بما يعتقد أنَّه حكم به وأوجبه؟ والله– تعالى– يقول لنبيِّه– عليه الصلاة والسلام: وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ [المائدة: 49]»( ).
ونظرًا لأهميَّة هذه المسألة فقد عَدَّ بعض العلماء– كالسَّمعانيّ (ت: 489)– الكفَّ عن التَّرخيص والتَّساهل شرطًا من شروط المفتي؛ حيث يقول: «المفتي من استكمل فيه ثلاثة شرائط: الاجتهاد، والعدالة، والكفّ عن التّرخيص والتّساهل. وللمتساهل حالتان؛ إحداهما: أن يتساهل في طلب الأدلَّة وطرق الأحكام ويأخذ بمبادئ النَّظر وأوائل الفكر؛ فهذا مُقَصِّرٌ في حقِّ الاجتهاد، ولا يحلُّ له أن يُفتي، ولا يجوز أن يُستفتى.
والثانيةُ: أن يتساهل في طلب الرُّخَص وتَأَوُّل الشُّبَه، فهذا متجوِّزٌ في دينه، وهو آثم من الأَوَّل»( ).
وتأمل ما رواه الإمام البيهقيّ( ) بإسناده عن إسماعيل القاضي يقول:
«دخلتُ على المعتضد بالله فدَفَع إليَّ كتابًا، فنظرت فيه فإذا قد جمع له من الرُّخَص من زَلَل العلماء، وما احتجَّ به كلُّ واحد منهم، فقلت: مصنِّفُ هذا زنديقٌ. فقال: ألم تصحَّ هذه الأحاديث؟ قلت: الأحاديث على ما رويت، ولكن مَن أباح المسكر– النبيذ– لم يبح المتعةَ، ومن أباح المتعةَ لم يبح المسكر، وما من عالم إلا وله زلة، ومن أخذ بكلِّ زلل العلماء ذهب دينه. فأمر المعتضدُ بإحراق ذلك الكتاب»( ).
ومن فقه الإمام الدَّارميّ ما ذكره في كتابه: «الرَّدّ على الجهميَّة»؛ حيث ذكر علامتين ظاهرتين يستدلُّ بهما على ابتداع الرَّجل من اتِّباعه في هذه المسألة؛ حيث يقول: «إنَّ الذي يريد الشُّذوذَ عن الحقِّ يتَّبع الشَّاذَّ من قول العلماء ويتعلَّق بزلَّاتهم، والذي يؤمُّ الحقَّ في نفسه يتَّبع المشهورَ من قول جماعتهم وينقلب مع جمهورهم؛ فهما آيتان بيِّنتان يستدلُّ بهما على اتِّباع الرَّجل وعلى ابتداعه»( ).
فكلُّ هذه المواقف والأقوال تَدُلُّ على أنَّ هذا المذهبَ والمسلكَ ليس جديدًا كما ترى؛ بل عُمل من قبل وأنكره العلماء وبيَّنوا أنَّه مبنيٌّ على أصول فاسدة تُذْهب الدِّينَ وتُفْسده، ولو ما جاء عنه إلا الخلط بين أصول الشَّريعة وفروعها، أو ما يسمِّيه شيخ الإسلام ابن تيمية (ت: 728) بالشَّرع المنزَّل، والشَّرع المؤوَّل ( )، لكفى به بعدًا عن الحقِّ، وإفسادًا للخلق.
يقول النَّوويّ (ت: 676): «لو جاز اتِّباعُ أيِّ مذهب شاء لأفضى إلى أن يلتقطَ رخصَ المذاهب متَّبعًا لهواه ويتخيَّر بين التَّحليل والتَّحريم والوجوب والجواز؛ وذلك يؤدِّي إلى الانحلال من ربقة التَّكليف»( ).
وهذا الإمامُ الشَّاطبيُّ (ت: 790) يَذكر ضابطًا مفيدًا حولَ هذه المسألة فيقول: «فإنَّ في مسائل الخلاف ضابطًا قرآنيًّا ينفي اتِّباعَ الهوى جملةً، وهو قوله – تعالى: فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ [النساء: 59]، وهذا المقلِّدُ قد تنازع في مسألته مجتهدان فوجب ردُّها إلى الله والرسول؛ وهو الرُّجوع إلى الأدلَّة الشَّرعيَّة؛ وهو أبعدُ من متابعة الهوى والشَّهوة؛ فاختيارُه أحدُ المذهبَيْن بالهوى والشَّهوة مضادٌّ للرُّجوع إلى الله والرَّسول...»( ).
ويعلِّق الإمامُ ابنُ القيِّم (ت: 751) تعليقًا لطيفًا حولَ هذه الآية فيقول: «قوله: فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ نكرة في سياق الشَّرط تعمُّ كلَّ ما تنازع فيه المؤمنون من مسائل الدِّين؛ دقّه وجلّه، جليّه وخفيّه، وإذا لم يكن في كتاب الله وسنَّة رسوله  بيانُ حكم ما تنازعوا فيه، ولم يكن كافيًا؛ لم يأمر بالرَّدِّ إليه؛ إذ من الممتنع أن يأمر الله– تعالى– بالرَّدِّ عند النِّزاع إلى مَن لا يوجَد عندَه فصلُ النِّزاع ... والرَّدُّ إلى الله- سبحانه- هو الرَّدُّ إلى كتابه، والرَّدُّ إلى الرَّسول  هو الرَّدُّ إليه نفسه في حياته وإلى سُنَّته بعد وفاته»( ).
ويقول ابن الصَّلاح (ت: 643): «لا يجوز للمفتي أن يتساهل في الفتوى، ومن عُرف بذلك لم يجز أن يُستفتى؛ وذلك قد يكون بأن لا يتثبَّتَ ويُسرعَ بالفتوى قبل استيفاء حقِّها من النَّظَر والفكر، وربما يحمله على ذلك توهُّمُه أنَّ الإسراعَ براعةٌ، والإبطاءَ عجزٌ ومَنْقَصَةٌ، وذلك جهل، ولأن يبطئ ولا يخطئ أجمل من أن يعجل فيضلَّ ويُضلّ...»( ).
بقي أن نشيرَ إلى مسألة مهمَّة في هذا المبحث، وهي أنَّ مجرَّدَ وجود الخلاف في المسائل ليس عذرًا للتَّشَهِّي في اختيار الأقوال والأخذ بأيٍّ منها ( )؛ كما نبَّه على ذلك الشاطبيُّ (ت: 790) في موافقاته؛ حيث يقول: «وقد زاد هذا الأمر على قدر الكفاية حتى صار الخلافُ في المسائل معدودًا في حُجَج الإباحة، ووقع فيما تقدَّم وتأخَّر من الزَّمان الاعتمادُ في جواز الفعل على كَوْنه مختلفًا فيه بين أهل العلم؛ لا بمعنى مراعاة الخلاف؛ فإنَّ له نظرًا آخرَ؛ بل في غير ذلك؛ فربَّما وَقَعَ الإفتاءُ في المسألة بالمنع فيقال: لم تمنع. والمسألةُ مختلفٌ فيها، فيجعل الخلاف حجَّةً في الجواز لمجرَّد كونها مختلفًا فيها؛ لا لدليل يدلُّ على صحَّة مذهب الجواز ولا لتقليد مَنْ هو أَوْلَى بالتَّقليد من القائل بالمنع؛ وهو عين الخطأ على الشَّريعة؛ حيث جعل ما ليس بمعتمد معتمدًا، وما ليس بحجَّة حجَّةً»( ).
وبناءً على ما سبق من هذه النُّقولات والأدلَّة من هؤلاء العلماء المحقِّقين ينبغي على النَّاظر والباحث في النُّصوص الشَّرعيَّة أن يكون خالعًا على عتبته آراءَه الخاصَّة وتصوُّراته الذَّاتيَّةَ، ويسلِّم قياده لهذا النَّصِّ يتَّجه به حيث توجَّه؛ جاعلاً له منهجًا صحيحًا؛ مراعيًا الشُّروط والضَّوابط، واضعًا الأشياء في مواضعها الصَّحيحة، متجرِّدًا للحقِّ مبتعدًا عن الهوى والتَّعَصُّب، جاعلاً الشُّموليَّةَ وجمع الأدلَّة نهجَه ومعلِّمَه، والحقَّ بدليله مقصدَه، ومن ثَمَّ يعرض الأقوال للكتاب والسُّنَّة وإجماع الأمَّة فيتَّبعه.
وعليه أن لا يُصدرَ الحكمَ قبل البحث والتَّحَرِّي؛ فإذا أصدر الحكمَ قبل البحث صار البحثُ انتقائيًّا جزئيًّا واستدلالاً للحكم الذي رآه واختاره من قبل؛ فيَنٍٍْبغي له أن يستدلَّ أوَّلاً للمسألة ثم يعتقد، وليس له أن يعتقد ثم يستدلّ تبعًا لرأيه ورغبته ( ).
أمَّا الذين يدرسون النُّصوصَ لتأييد مقرَّرات سابقة في نفوسهم؛ فإنَّ الغالبَ عليهم عدمُ الانتفاع بهذه النُّصوص؛ فالإخلاصُ في طلب الحقِّ شرطٌ أساسٌ لتحصيل الهداية وإدراكها، والله المستعان.

المبحث الثاني
واقـعُ المستفتـين
التَّساهُلُ ... ضعفُ مراقبة الله– عز وجل ... ضرب أقوال العلماء ببعض ... الانتقائية ... سؤال أكثر من عالم وتبنِّي أخفِّ قول وأقربه إلى الهوى.
هذا هو واقعُ كثير من المستفتين اليومَ وللأسف؛ بينما نجد العلماء– رحمهم الله تعالى– قد أنكروا هذه الأفعالَ والتَّصَرُّفات ووصفوا فاعلَها بعدَّة أوصاف شنيعة تبيِّن فسادَ هذا المنهج وانحرافَه؛ خاصَّةً فيمن تتبَّع الرُّخص والشَّواذّ؛ حيث وصفوه مرَّةً بأنَّه شرُّ عباد الله؛ كما رواه عبد الرازق عن معمر( )، وتارةً وَصَفُوه بالفسق؛ كما نَصَّ عليه ابنُ النَّجَّار (ت: 972) بقوله: «يَحْرُمُ على– العامِّيِّ– تتبُّعُ الرُّخص ويفسق به»( )، ومرةً ينهون عنه نهيًا صريحًا؛ كما قال الغزاليُّ (ت: 505): «لليس للعامِّيِّ أن ينتقي من المذاهب في كلِّ مسألة أطيبها عنده فيتوسَّع»( )، وتارةً ينقلون الإجماعَ على عدم جواز تتبُّع العامِّيِّ للرُّخَص؛ تحذيرًا له وتنبيهًا؛ كما فعله ابنُ عبد البَرِّ (ت: 463)( ).
ولم يكتفوا بهذا حتى بيَّنُوا آثارَ ذلك ونتائجَه على المستفتي كما ذكر ذلك الشَّاطبيُّ (ت: 790) والنَّوَويُّ (ت: 676)؛ حيث قالا: إذا أصبح المستفتي في كلِّ مسألة عَرَضَتٍْ وطرأت عليه يتتبَّع رخصَ المذاهب ويتبع كلَّ قول يوافق هواه؛ فإنَّ ذلك يؤدِّي إلى خلع ربقة التَّقوى والتَّمادي في متابعة الهوى ونقض ما أبرمه الشَّارع ( ).
وما أحسن ما حكاه صاحبُ كتاب زَجْر السُّفَهاء وهو يُصَوِّر الواقعَ في هذه المسألة؛ حيث يقول: «ومن الأبواب التي فتحها الشَّيطانُ على مصراعيها للتَّلبيس على العباد باب: تتبُّع رُخَص الفقهاء وزَلَّاتهم، وخَدَعَ بذلك الكثيرين من جَهَلَة المسلمين، فانتهكت المحرَّمات، وتُركت الواجبات؛ تَعَلُّقًا بقول زيف وتَمَسُّكًا برخصة كالطَّيف.
وإذا ما أنكر عليهم مُنْكرٌ تعلَّلوا بأنَّهم لم يأتوا بهذا من قبل أنفسهم؛ بل هناك مَنْ أفتى لهم بجواز ذلك، يا حسرة على العباد! جاءت الشَّريعةُ لتحكم أهواءَ النَّاس وتهذِّبَها فصار الحاكمُ محكومًا والمحكوم حاكمًا وانقلبت الموازين رأسًا على عقب، فصار هؤلاء الجهلة يُحَكِّمون أهواءَهم في مسائل الخلاف؛ فيأخذون أهونَ الأقوال وأيسرَها على نفوسهم دون استناد إلى دليل شرعيٍّ؛ بل تقليدًا لزَلَّة عالم لو استبان له الدَّليلُ لرجع عن قوله بلا تردُّد ولا تلكؤ.
فإذا نُصحوا بالدَّليل الرَّاجح وطُولبوا بحجج الشَّرع الواضح تَنَصَّلوا من ذلك بحجج واهية؛ وهي أنَّ مَن أفتاهم هو المسؤول عن ذلك وليسوا بمسؤولين؛ فقد قلَّدوه والعهدة عليه إن أصاب أو أخطأ؛ معتقدين أنَّ قولَ فلان من النَّاس يصلح حجَّةً لهم يومَ القيامة بين يدي الملك الدَّيَّان.
فإنْ تَعْجَبْ من ذلك فدونَك ما هو أعجبُ منه: إنَّهم يأخذون برخصة زيد من الفقهاء في مسألة ما، ويهجرون أقوالَ الثَّقيلة في المسائل الأخرى، فيعمدون إلى التَّلفيق بين المذاهب والتَّرقيع بينَ الأقوال ويَحْسَبون أنَّهم يُحْسنون صنعًا، ولا يَخْفَى عليك ما في هذا من التَّهاون بحدود الشَّرع وقوانينه...»( ).
فلا شكَّ أنَّ على كلِّ واحد من المستفتين مسؤوليَّةً يتحمَّلها في مسألته التي يريد السُّؤالَ عنها وعن مقصده فيها، وأيضًا على العلماء والدُّعاة مسؤوليةٌ أخرى كبيرة من توعية المجتمع وتعليمهم واغتنام ذلك في المحاضرات والخطب ووسائل الإعلام؛ لأنَّه لا يخفى أن حاجةَ المسلمين إلى العلم وإلى الفتوى مستمرةٌ في كلِّ زمان ومكان، ويَحْسُنُ في ذلك أيضًا تكثيفُ الحديث عن الشُّروط المعتبَرة التي ذكرها العلماءُ فيما يلزم المستفتي، وهي أربع شروط( ):
أوَّلاً: أن يريد باستفتائه الحقَّ والعملَ به؛ لا تَتَبُّع الرُّخص أو مجرَّد الهوى.
ثانيًا: ألا يستفتي إلَّا من يعلم أو يغلب على ظَنِّه أنَّه أهلٌ للفتوى، وينبغي أن يختار أوثقَ المفتين عنده.
ثالثًا: أن يصف حالتَه وسؤالَه وصفًا دقيقًا واضحًا.
رابعًا: أن ينتبه لما يقول المفتي من الجواب ويفهمه فهمًا واضحًا، ولا يأخذ بعضَه ويَترك الآخر.
فإذا نشرت هذه الشُّروطُ على نطاق واسع كان في ذلك توعيةٌ للنَّاس وكان أدعى لأن يكونوا أكثرَ انضباطًا ودقَّةً؛ فكما أنَّ العلماءَ يوصون قبلَ أخذ الفقه بدراسة أصوله، وقبل دراسة التَّفسير التَّعرُّف إلى أصوله؛ فكذلك قبلَ الاستفتاء ينبغي التَّعَرُّفُ إلى أصوله وشروطه.

الخاتمة والتَّوصيَّات
وبعد.. فإنَّ حالَ هذه المسألة في الآونة الأخيرة قد تَطايرَ شررُها، وعظم خطرُها، واتَّسَعَتْ رُقْعَتُها؛ حيث تطاوَلَ عمومُ النَّاس على الفتيا، وأصبحوا لا يتورَّعون عنها، ولا يستشعرون أهميَّتَها، وزاد في الأمر انتشارُ ظاهرة: (بعض مفتي الفضائيات والمواقع الإلكترونيَّة المتساهلين) الذين سعوا - برغبة أو رهبة - كأنَّهم إلى نُصُب يوفضون في نشر الفتاوى الشَّاذَّة والرُّخَص المخالفة؛ فتمكَّنوا من الرّقبة، واقتحموا العقبة؛ فلبَّسوا على الناس دينهم حتى صار بعض المستفتين إذا نزلت عليه نازلة واحتاج إلى فتوى وأراد التَّسهيلَ والتَّرَخُّصَ واتِّباعَ الهوى تَوَجَّهَ إلى أحد هؤلاء المفتين فأفتاه بما يريد وأعطاه المزيد! فيا للعجب!
جاءت الشَّريعةُ لتحكم أهواءَ الناس وتهذِّبها فصار الحاكمُ محكومًا والمحكوم حاكمًا وانقلبت الموازين رأسًا على عقب؛ فصار هؤلاء الجَهَلَة يُحَكِّمون أهواءَهم في مسائل الخلاف، فيأخذون أهونَ الأقوال وأيسرَها على نفوسهم دونَ استناد إلى دليل معتبَر.
وفريق آخر من أهل الأهواء من بني جلدتنا يتكلَّمون بألسنتنا ويكتبون في صحفنا، أفكارهم غريبة، وتوجُّهاتهم مخيفة، انبهروا بالحضارة الغربيَّة الكافرة، وأرادوا نقلَها لنا بعجرها وبجرها، وحذوها حذو القذَّة بالقذَّة، فهجموا على كل شيء في الدين أصولاً وفروعًا، وتجرَّؤوا على العلم، وهجموا على العلماء؛ فأهملوا أصولاً، وأحدثوا فصولاً، فجاؤوا بمنهج جديد وأظهروا الرُّخَصَ وتتبَّعوا الشَّواذَّ لنصرة أهوائهم وتوجُّهاتهم، والله المستعان.
وإذا كان الأئمةُ يقصدون في الكلام السَّابق العلماءَ والمفتين وأهلَ النَّظَر؛ فكيف سيكون القول والكلام إذن على مَنْ قال بلا علم، وكتب بلا بيِّنة، مثل حال بعض هؤلاء الكتَّاب؟! فذلك والله من أَمَرِّ الأمرين وأشدِّ الحالين، وإلى الله المشتكَى.
فالواجب على العلماء الصَّالحين، والولاة المصلحين، والدُّعاة الصَّادقين، الأخذُ على أيدي جميع أهل الأهواء، والاحتساب في مواجهتهم، معذرةً إلى ربِّ العالمين، ودفاعًا عن حياض الشَّريعة، واقتداءً بهدي السَّلف الصَّالح في ردِّهم على المخالفين في الأصول والفروع، وحفاظًا على الأمَّة من تحريف الغالين، وانتحال المبطلين، وتأويل الجاهلين؛ لكي لا تغرق السَّفينة، ولا تتغيَّر الموازين.
التَّوصيات المقترحة لمواجهة هذه الظَّاهرة:
أولاً: وجوبُ التَّحاكُم إلى كتاب الله– عز وجل– وسنَّة رسوله ، وعدم العدول عنهما بأيِّ حال من الأحوال في جميع مسائل الدِّين؛ دقِّها وجُلِّها؛ فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا [النساء: 65]، فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا [النساء: 59].
ومن الأهمية بمكان في هذا الموضع اعتبارُ فهم السَّلَف الصَّالح وعدمُ التَّطَفُّل عليه، أو التَّقليل من شأنه؛ فهم السَّابقون الأوَّلون، وهم خير القرون، وفهمُهم لا يعلوه فهم، ولغتُهم فصيحة لم تَشُبْها الشَّوائب؛ فهموا الدِّينَ وعرفوا مقاصدَه، فعايشوه وساروا عليه في حياتهم ومنهجهم وسلوكهم، زكَّاهم النبيُّ الكريم  بقوله: «خيرُكم قرني، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم ...»( ).
وأمر باتِّباع سنَّته وسنَّتهم والتَّمسُّك بها فقال: «عليكم بسنتي وسنة الخلفاء المهديين الراشدين تمسكوا بها، وعضوا عليها بالنواجذ، وإياكم ومحدثات الأمور فإن كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة»( ). والنَّجاة كلّ النجاة في هديهم ومسلكهم.
ثانيًا: اعتبار حجِّيَّة الإجماع وعدم خَرْقه أو التَّقليل من شأنه( )، كيف وقد استقرَّ أنَّ أمَّةَ نبيِّنا محمد  لا تَجتمع على ضلالة؛ قال– تعالى: وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا [النساء: 115].
ووَجٍْهُ الدِّلالة من الآية ظاهرٌ؛ حيث توعَّدَ الله - تعالى - مَنْ خالفَ سبيلَ المؤمنين بالعذاب؛ فوجب اتِّباعُ سبيلهم، وما ذاك إلا لأنَّه حجَّةٌ( ).
ثالثًا: لا بدَّ من الرُّجوع في المسائل المتنازع فيها إلى العلماء الرَّبَّانيِّين المشهود لهم بالعلم والتَّقوى: وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلَّا قَلِيلًا [النساء: 83]. فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ * بِالْبَيِّنَاتِ وَالزُّبُرِ [النحل: 43- 44].
رابعًا: وجوبُ توعية النَّاس وتحذيرهم من هذا المسلك وهذا الطريق باستخدام جميع الوسائل المتاحة؛ من محاضرات ورسائل وأشرطة وخطب وكتابات ونصائح وغيرها.
خامسًا: تنسيق ندوات وورش عمل حولَ هذه القضية وسُبُل مواجهتها، ويُفَضَّلُ أن ترعاها مؤسَّسات رسميَّةٌ تهمُّها هذه القضية؛ مثل: هيئات الإفتاء، والمجامع الفقهيَّة، والجامعات، ونحوها.
سادسًا: العنايةُ باختيار مقدِّمي برامج الإفتاء في البرامج الفضائية والإذاعية، على أن يكونوا مؤهَّلين شرعيًّا للتَّصَدُّر لإدارة هذه البرامج؛ من الفهم السَّليم للسُّؤال من المتَّصلين، وحسن العرض، والاستفسار عن المجمع والغامض، والاستدراك والتَّنبيه للمفتين في حال نسيانهم، أو عدم تَصَوُّرهم للسُّؤال من المتَّصلين.
سابعًا: الاحتساب في سرعة الرَّدِّ على بعض الفتاوى أو الآراء الشَّاذَّة التي نشرها أصحابها لعامَّة النَّاس، ولا يَخْفَى أنَّ الاحتسابَ في الرَّدِّ على مثل هؤلاء جادَّةٌ مسلوكةٌ عند العلماء الرَّبَّانيِّين من السَّابقين والمعاصرين، والأولى عدمُ التَّأَخُّر في ذلك، ومعلوم أنَّ تأخيرَ البيان عن وقت الحاجة لا يجوز.
أخيرًا: أسألُ اللهَ الكريمَ أن يُصلحَ أحوالَ أمَّة نبيِّنا محمَّد ، وأن يردَّها إلى كتابه وسنَّة رسوله ، وأن يبرم لها أمرًا رشدًا يُعزُّ فيه أهلَ الطَّاعة والعلم، ويعافي فيه أهل المعصية والهوى ... إنَّه سميعٌ مجيبٌ.
وفي آخر المطاف أختم هذه الرِّسالةَ وفي النَّفس رغبةٌ في الإضافة، ولكن يحول دون ذلك واجب الوقت، وخشية الإطالة، وقلَّة الباع، وربَّما كان الاستقصاءُ متعذِّرًا، والله المستعان، وقد يكفي من القلادة ما أحاط بالعنق؛ سائلاً المولى القديرَ أن يجعل هذه الرِّسالةَ حجَّةً لي لا عليَّ، وأن يجعلها خالصةً لوجهه الكريم؛ إنَّه جواد كريم.
والله أرجو المن بالإخلاص

لكي يكون موجب الخلاص

والله أعلم، وصلى الله وسلَّم على نبيِّنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.


الفهرس
المقدمة 5
خطَّةُ البحث 8
التمهيد 9
تعريف الرُّخصة الشَّرعيَّة 10
تعريف تتبُّع الرُّخص 14
تعريف التَّلفيق والفرق بينه وبين تتبُّع الرُّخَص 15
الفصل الأول 19
المبحث الأولُ: حكم الأخذ بالرُّخص الشَّرعيَّ
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
houssem big
عضو ماسي
عضو ماسي
houssem big


ماهو ناديك المفضل؟ : جمعية شلف
ذكر السمك الديك
عدد المساهمات : 1315
الرصيد المالي : 31975
حب الاصدقاء له : 6
تاريخ الميلاد : 05/03/1993
تاريخ التسجيل : 04/12/2010
العمر : 31
الموقع : العبادية

بطاقة الشخصية
امراء المنتدى امراء المنتدى: 3

تتبُّع الرُّخص بين الشرع والواقع Empty
مُساهمةموضوع: رد: تتبُّع الرُّخص بين الشرع والواقع   تتبُّع الرُّخص بين الشرع والواقع I_icon_minitimeالثلاثاء 6 سبتمبر 2011 - 2:08

موضوع طويل لكن أتمنى أن تقرؤه ففيهة قيمة دينية عظيمة
hjh
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
*ثابتة في زمن العواصف*
امير(ة) المنتدى
امير(ة) المنتدى
*ثابتة في زمن العواصف*


ماهو ناديك المفضل؟ : جمعية شلف
انثى السرطان الديك
عدد المساهمات : 2042
الرصيد المالي : 26062
حب الاصدقاء له : 20
تاريخ الميلاد : 08/07/1993
تاريخ التسجيل : 25/08/2010
العمر : 30
الموقع : عين دفلى

بطاقة الشخصية
امراء المنتدى امراء المنتدى: 3

تتبُّع الرُّخص بين الشرع والواقع Empty
مُساهمةموضوع: رد: تتبُّع الرُّخص بين الشرع والواقع   تتبُّع الرُّخص بين الشرع والواقع I_icon_minitimeالثلاثاء 6 سبتمبر 2011 - 14:06

تتبُّع الرُّخص بين الشرع والواقع 2200271032

تتبُّع الرُّخص بين الشرع والواقع 445043803
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://lamaislamia.alafdal.net
houssem big
عضو ماسي
عضو ماسي
houssem big


ماهو ناديك المفضل؟ : جمعية شلف
ذكر السمك الديك
عدد المساهمات : 1315
الرصيد المالي : 31975
حب الاصدقاء له : 6
تاريخ الميلاد : 05/03/1993
تاريخ التسجيل : 04/12/2010
العمر : 31
الموقع : العبادية

بطاقة الشخصية
امراء المنتدى امراء المنتدى: 3

تتبُّع الرُّخص بين الشرع والواقع Empty
مُساهمةموضوع: رد: تتبُّع الرُّخص بين الشرع والواقع   تتبُّع الرُّخص بين الشرع والواقع I_icon_minitimeالثلاثاء 6 سبتمبر 2011 - 18:38

hjh
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
houssem big
عضو ماسي
عضو ماسي
houssem big


ماهو ناديك المفضل؟ : جمعية شلف
ذكر السمك الديك
عدد المساهمات : 1315
الرصيد المالي : 31975
حب الاصدقاء له : 6
تاريخ الميلاد : 05/03/1993
تاريخ التسجيل : 04/12/2010
العمر : 31
الموقع : العبادية

بطاقة الشخصية
امراء المنتدى امراء المنتدى: 3

تتبُّع الرُّخص بين الشرع والواقع Empty
مُساهمةموضوع: رد: تتبُّع الرُّخص بين الشرع والواقع   تتبُّع الرُّخص بين الشرع والواقع I_icon_minitimeالثلاثاء 6 سبتمبر 2011 - 18:40

hjh
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
تتبُّع الرُّخص بين الشرع والواقع
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
***__________*** :: المنتدى الاسلامي :: منتدى القراءن الكريم و الاعجاز الديني-
انتقل الى: